ما هي الألاعيب النفسية في العلاقات؟

إنَّ فهم طبيعة وتأثير الألاعيب النفسية يكشف عن خبايا العلاقات ويسهم في التعامل الفعَّال مع التحديات النفسية، ويستعرض هذا المقال تلك الظاهرة المعقدة، ويسلط الضوء على كيفية التغلب عليها والتعامل معها لضمان صحة العلاقات الشخصية والعاطفية والزوجية.

ماذا تعني الألاعيب النفسية؟

بكلمات بسيطة، الألاعيب النفسية في العلاقات هي محاولات حسابية وواعية من قبل أحد الشركاء للتلاعب نفسياً بالشريك الآخر، وهي عمليات التلاعب الرومانسية المقنعة بمظهر الحب؛ لذلك، لعب الألعاب يعد أساساً استراتيجياً للتضليل، والتخبط، وجعل الشخص الآخر يشعر بالعجز.

هذه الألاعيب النفسية غير ملحوظة وماكرة في البداية، ويقوم الشخص الذي يلعب هذه الألعاب بالأمور الآتية:

• يحاول الحصول على السيطرة والتحكم فيك.
• يلجأ إلى تمثيل "دور الضحية".
• يُظهِر سلوكاً سلبياً عدوانياً.

كيف يمكنك معرفة ما إذا كان شخص ما يلعب هذه الألعاب معك، ولماذا يقوم الناس بفعل ذلك في المقام الأول؟ فيما يأتي بعض الأسباب والعلامات التي ستساعدك على التعرف إلى هذا النوع من السلوك المؤذي.

لماذا يستخدم الناس الألاعيب النفسية في العلاقات؟

يتطلب استخدام الألاعيب النفسية غسل الدماغ، فسوف يتصرف الأشخاص وكأنَّهم يحبونك ويعشقونك، وفي اللحظة التالية سيجعلونك تشعر وكأنَّك لا شيء، كما لو أنَّك لا تستحق حبهم، لماذا يفعلون ذلك؟

1. يرغبون في إحكام السيطرة:

تحدث صراعات سلطوية في كل علاقة، فعندما تكون الديناميات الطبيعية في العلاقة متخلخلة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى إساءة استخدام السلطة، وعند وجود الألاعيب في العلاقة، سيحاول أحدهم ممارسة التحكم الذي يمتلكه في النهاية. من الأسباب التي تجعلهم يستخدموها هو أنَّهم لا يمتلكون السيطرة على جوانب أخرى من حياتهم.

2. أنانيون ويفتقرون إلى تقدير الذات:

قد تعتقد أنَّ الأشخاص المتغطرسين لديهم تقدير ذات أعلى، ولكن هذا أبعد ما يكون من الحقيقة، فيرى معظم الأشخاص الذين يكافحون مع تقدير الذات أنَّ لديهم أنا عليا أكبر.

جزء منهم يجعلهم يعتقدون أنَّهم لا يستحقون أي شيء، والجزء الآخر يجعلهم يعتقدون أنَّهم كائنات بشرية عظيمة: هذه بعض الطرائق التي يتجلى فيها تقدير الذات المنخفض في العلاقة.

3. لديهم ماضٍ مأساوي:

في أعماق ألاعيب العلاقة، قد يكون أحكم الأشخاص قد مرَّ بماضٍ فظيع وقام ببناء جدران حوله، فيرغب في حماية نفسه من خلال السيطرة على أحداث العلاقة، ويدفعه الخوف والشكوك إلى اتخاذ قراراته.

يحاول أن يكون متأكداً تماماً منك ويقرر ما إذا كان سيثق بك أم لا، ويخاف من الإصابة؛ لذا يمارس الحذر قبل أن يتعامل بجدية معك.

4. يريدونك أن تطاردهم:

بعض الأشخاص مهووسون بإثارة المتعة من خلال المطاردة، وينبع هذه النمط من الغرور أو الألم النفسي؛ إنَّها إحدى أسوأ الصفات التي يمكن أن تكون موجودة، وهي إحدى علامات أنَّك في علاقة سلبية.

5. النرجسيون:

سيقوم النرجسيون دائماً بلعب الألاعيب، وسيقومون بالتلاعب بك، والتحكم فيك، ويرغبون في أن تكون كبش فدائهم، وسيجد النرجسي نقطة ضعفك وسيستمر في استغلالك من خلالها، وسيظل يختبرك لرؤية مدى تحملك، وسيقوم بذلك بسلاسة حتى لا تدرك أنَّه يستهدفك، وسيجعلك تثق به ومن ثم يقطع علاقاتك بالآخرين.

شاهد بالفديو: 8 صفات للزوج النرجسي

كيف يمكن للألعاب النفسية أن تخرب علاقتك؟

هل سبق لك أن شعرت بأنَّ الخلافات مع شريكك تنتهي بنفس الطريقة غير المنتجة؟ هل تساءلت يوماً كيف تبدأ النقاشات ولماذا يبدو أنَّها تتبع نفس النمط؟

قد يكون ذلك لأنَّ لدينا ميل إلى اتخاذ أدوارٍ معينة في العلاقة عندما يتعلق الأمر بأنواع معينة من التفاعلات.

عندما نشارك في بعض النقاشات، قد تثير تلك النقاشات أفكاراً ومشاعر محددة يتبعها سلوك (سلوكات) تم تحديدها بتجاربنا السابقة، ويتبع رد الفعل السلوكي مسارات اعتقدناها خلال حياتنا وأصبحت تلقائية في فترة البلوغ.

مثال شائع جداً هو عندما تبدو، في أثناء نقاش مع شريكك، وكأنَّك تتصرف مثل أحد والديك، و/أو أنَّ شريكك يتصرف مثل طفل، فإذا كنتما مرتبطين بأدوار الأب/الأم، فإنَّ النقاش قد ينتهي بشكل سيئ، تاركاً إياكما بشعور الغضب أو العجز.

ليس من السهل دائماً معرفة المحفزات والاستراتيجيات المحددة المعنية في ديناميات العلاقة وألاعيبها، ففي كثير من الأحيان، لدينا فكرة غير واضحة عن ماهية هذه الديناميات؛ لأنَّها عادة ما تحدث خارج إدراكنا.

ما هي الألاعيب النفسية ولماذا نلعبها؟

أدخل تحليل العمليات، وهو نموذج نفسي يركز على التطور البشري وهيكل الشخصية وتفاعل الأفراد، مفهوم "الألاعيب النفسية"، والـ "لعبة" هي سلسلة من المعاملات أو التبادلات بين الأفراد تتقدم نحو نتيجة محددة ومتوقعة، وهي البحث عن مكافأة عاطفية.

غالباً ما تخفي اللعبة دافعاً مخفياً لتنتهي بشكل دراماتيكي، فتؤدي غالباً إلى مكافأة سلبية، وتوفر هذه المكافأة تأكيداً لهويتنا أو تمكننا من تجنب موقف أو مشاعر نخشاها.

على سبيل المثال، يمكن أن يكون الدافع الخفي للعبة هو تجنب المسؤولية والاقتراب من العمق في علاقة حقيقية على مستوى أعمق، وفي النهاية، قد تكون اللعبة لها دور هام في الاحتفاظ بالأشخاص من حولنا الذين يلبون احتياجاتنا الخاصة.

كيف يمكنك اكتشاف الألاعيب النفسية؟

في عام 1968، وضع الطبيب النفسي ستيف كاربمان، نموذجاً نفسياً واجتماعياً للتفاعلات البشرية يُسمى "مثلث الدراما"، ويُظهِر هذا النموذج كيف يتم لعب أدوار محددة بشكل تدميري، وهذا يؤدي بالأشخاص إلى لعب ألعاب الصراع.

يعرض "مثلث الدراما" الاتصال بين المسؤولية والقوة الفعَّالة في أثناء الصراعات، والأدوار المدمرة والمتغيرة التي يلعبها الناس.

أدوار لعب الألاعيب النفسية:

سينتقل الأشخاص من دور إلى آخر من أجل تحقيق مكافأة لعبتهم، وتتمثَّل هذه الأدوار في:

1. دور "الضحية":

تشعر باليأس والعجز بصورة تتجاوز الواقع، وغالباً ما تقول أو تفكر، "انظر إلى ما جعلتني أفعل"، وعندما تكون في هذا الدور، ستبحث بشكل غير واعٍ عن "المضطهد" لتلومه.

2. دور "المضطهد":

تتولى هذا الدور لتجنب أن تكون ضحية، وغالباً ما تقول أو تفكر "ألا ترى ماذا فعلت؟ خذ هذا!"، فتعتقد أنَّ الآخرين غالباً ما يكونون على خطأ وتشعر غالباً بالغضب.

3. دور "المنقذ":

لديك ميل إلى مساعدة الآخرين، لإنقاذهم حتى عندما لا ترغب فعلياً في ذلك، ولم يُطلب منك ذلك، وأنت لا تطلب ما تريد فعلياً. عليك مساعدة الآخرين لأنَّهم لا يستطيعون مساعدة أنفسهم، لذلك بطريقة ما تقلل من قدراتهم.

شاهد بالفديو: 6 علامات تشير إلى أنك تتعامل مع شخص متلاعب

كيفية التوقف عن لعب الألاعيب النفسية:

كل هذه الأدوار غير أصيلة، فسوف تستجيب فعلاً لشيء مرتبط بالماضي - استراتيجياتك القديمة المتعلمة - بدلاً من الاستجابة لما يحدث حقاً في الوقت الحالي والذي يتعلق بالشخص الذي أمامك.

1. زيادة الوعي:

من أجل الحصول على علاقة خالية من الألاعيب النفسية قدر الإمكان، يجب على الشخص أن يفكر ويشعر ويتصرف رداً على واقع اللحظة الحالية.

المفتاح للحصول على اتصال أصيل في العلاقة يكون أولاً في اكتساب الوعي تجاه "ألاعيبك" الخاصة، فـ "هل ما أشعر به في هذه اللحظة شيء مرتبط بماضيي؟"، أو "هل أنا من أبالغ ببعض جوانب الواقع بينما أقوم بحجب بعض الجوانب الأخرى؟".

2. الانفتاح لوجهات نظر مختلفة:

الخطوة الثانية الهامة هي النظر في خيارات أخرى، وهي الأسباب الأخرى لتصرُّف شريكك بطريقة معينة أو عدم تصرُّفه بطريقة معينة، ويجب أن تبحث عن طرائق بديلة للتصرف بوعي، والخروج من اللعبة ومن أدوار الضحية/ المضطهد/ المنقذ.

كيفية التعامل مع الشريك المتلاعب نفسياً:

قد يكون التعامل مع الأشخاص الذين يستخدمون الألاعيب النفسية أمراً مربكاً ومُرهِقاً، ومع ذلك، إذا كنت ما تزال تُقدِّر علاقتك معهم، يمكنك استخدام استراتيجيات لجعلهم أشخاصاً أفضل.

عبِّر عن نفسك بوضوح وبدقة، واشرح كيف تشعرك أفعالهم، وتذكر أن تدعم حالتك بأمثلة ذات صلة بالألاعيب النفسية، وتأكَّد من اعتذارهم ووعدهم بتغيير سلوكهم، وعليك مراعاة أنَّ ذلك الأمر قد يستغرق بعض الوقت للتغيير، ولكنَّه يستحق الانتظار إذا بذلوا بعض الجهد.
إذا رفض الشريك تحمُّل المسؤولية عن أفعاله، عندها قد يحين الوقت لاتخاذ قرار إنهاء العلاقة، فالبقاء معه والأمل في أن يتغير سيستغرق بعض الوقت، لذا إما الصبر أو الخروج.

بالمثل، إذا اخترت الاستمرار في حياتك والمضي قدماً دونه، تحدَّث مع الأصدقاء والعائلة لتوفير نظام دعم قوي حولك، كما يمكنك التحدث مع معالج أو أخصائي نفسي لمساعدتك خلال هذه الفترة.

في الختام:

تجعلك الألاعيب النفسية في العلاقات تشعر بالحزن، وكأنَّك قابل للتعويض، وبلا قيمة، ويقوم الأشخاص الذين يستخدمون الألاعيب النفسية بذلك للسيطرة على الآخرين، غالباً لأنَّهم لا يشعرون بالرضى عن أنفسهم.

تساعدك معرفة علامات التحكم النفسي في العلاقة على التقرير ما إذا كانت العلاقة صحية بالنسبة إليك أم لا، وإضافة إلى ذلك، أنت تستحق أن تشعر بالرضى والقيمة.